أَو َبعدما ابيضَّ القذال وشابا |
|
أصبو لوصل الغيد أو أتصابى
|
هبني صبوت، فمن يعيد غوانيا |
|
يحسبن بازيَّ المشيب غرابا
|
قد كان يهديهنّ ليل شبيبتي |
|
فضللن حين رأين فيه شهابا
|
والغيد مثل النجم يطلع في الدجى |
|
فإذا تبلَّج ضوء صبح غابا
|
لا يبعدنَّ وإن تغيَّر مألف |
|
بالجمع كان يؤلف الاحبابا
|
ولقد وقفت فما وقفن مدامعي |
|
في دار زينب بل وقفن ربابا
|
فسجمت فيها من دموعي ديمة |
|
وسجرت من حرّ الزفير شهابا
|
واحمرَّ فيها الدمع حتى أوشكت |
|
تلك المعاهـد تنبت العنابا
|
وذكرت حين رأيتها مهجورة |
|
فيها الغراب يـردد التنعابا
|
أبيات آل محمد لما سرى |
|
عنها ابن فاطمة فعدن يبابا
|
ونحا العراق بفتية من غالب |
|
كل تراه الـمدرك الغلابا
|
صِيدٌ إذا شبَّ الهياج وشابت الـ |
|
أرض الدما والطفل رعبا شابا
|
ركزوا قناهم في صدور عداتهم |
|
ولبيضهم جعلوا الرقاب قرابا
|
تجلو وجوههم دجى النقع الذي |
|
يكسو بظلمتـه ذكاء نقابا
|
وتنادبت للذبِّ عنه عصبة |
|
ورثوا المعالي أشيبا وشبابا
|
من ينتدبهم للكريهة ينتدب |
|
منهم ضراغمة الاسود غضابا
|
خفوا لداعي الحرب حين دعاهم |
|
ورسوا بعرصة كربلاء هضابا
|
أُسْدٌ قد اتخذوا الصوارم حلية |
|
وتسربلوا حلق الدروع ثيابا
|
تخذت عيونهمُ القساطل كحلها |
|
وأكفهم فيضَ النحور خضابا
|
يتمايلون كأنّما غنّى لهـم |
|
وقع الظُبى وسقاهـم أكوابا
|
برقت سيوفهم فأمطرت الطُلى |
|
بدمائهـا والنقع ثار سحابا
|
وكأنّهـم مستقبلـون كواعبا |
|
مستقبليـن أسنَّة وكعـابا
|
وجدوا الردى من دون آل محمد |
|
عذبا وبعدهـم الحياة عذابا
|
ودعاهم داعي القضاء وكلهم |
|
ندب إذا الداعي دعاه أجابا
|
فهووا على عفر التراب وإنّما |
|
ضموا هناك الخُرَّدَ الاترابا
|
ونأوا عن الاعداء وارتحلوا إلى |
|
دار النعيم وجاوروا الاحبابا
|
وتحزَّبت فرق الضلال على ابن |
|
من في يوم بدرٍ فرّق الاحزابا
|
فأقام عين المجد فيهم مفردا |
|
عقدت عليه سهامهـم أهدابا
|
أحصاهم عددا وهم عدد الحصى |
|
وأبادهم وهـم الرمال حسابا
|
يومي إليهم سيفـه بذبابـه |
|
فتراهـم يتطايـرون ذبابـا
|
لم أنسه إذ قام فيهم خاطبا |
|
فإذا همُ لا يملكون خطابا
|
يدعو ألستُ أنا ابن بنت نبيّكم |
|
وملاذكم إن صرف دهر نابا
|
هل جئت في دين النبيّ ببدعة |
|
أم كنت في أحكامه مرتابا
|
أم لم يوصِّ بنا النبيُّ وأودع الـ |
|
ـثقلين فيكم عترة وكتابا
|
إن لم تدينوا بالمعاد فراجعوا |
|
أحسابكـم إن كنتم أعرابا
|
فغدوا حيارى لا يرون لو عظه |
|
إلاّ الاسنَّـة والسهام جوابا
|
حتى إذا أسفت علوج أمية |
|
أن لا ترى قلب النبيّ مصابا
|
صلَّت على جسم الحسين سيوفهم |
|
فغدا لساجدة الظبى محرابا
|
ومضى لهيفا لم يجد غير القنا |
|
ظلا ولا غير النجيع شرابا
|
ظمآن ذاب فؤاده من غلة |
|
لو مسَّت الصخر الاصمّ لذابا
|
لهفي لجسمك في الصعيد مجردا |
|
عريان تكسـوه الدماء ثيابا
|
تَرِبَ الجبين وعين كل موحد |
|
ودَّتْ لجسمك لو تكون ترابا
|
لهفي لرأس فوق مسلوب القنا |
|
يكسوه من أنـواره جلبابا
|
يتلو الكتاب على السنان وإنما |
|
رفعوا به فوق السنان كتابا
|
ليَنُحْ كتابُ اللّـه مما نابَهُ |
|
ولينثن الاسـلام يقرع نابا
|
وليبك دين محمد من أمَّة |
|
عزلوا الرؤوس وأَمَّروا الاذنابا
|
هذا ابن هند وهو شرُّ أميةٍ |
|
من آل أحمد يستذلّ رقابا
|
ويصون نسوته ويبدي زينبا |
|
من خدرها وسكينة وربابا
|
لهفي عليها حين تأسرها العدى |
|
ذلاًّ وتُركبها النياق صعابا
|
وتبيح نهب رحالها وتنيبها |
|
عنها رحال النيب والاقتابا
|
سلبت مقانعها وما أبقت لها، |
|
حاشى المهابة والجلال، حجابا
|