أحرم الحجاج عن لذاتهم بعض الشهور |
|
وانا المحـرم عـن لذاته كـل الدهور
|
كيف لا احرم دأبا ً ناحراً هـدي السـرور |
|
وانا في مشعر الحزن على رزء الحسين
|
حق للشارب من زمزم حب المصطفى |
|
ان يرى حق بنيـه حرمـاً معتكفـا
|
ويواسيهم والا حاد عن باب الصفـا |
|
وهو من اكبر حوبٍ عند رب الحرمين
|
فمن الواجب عينا ً لبس سربال الاسى |
|
واتخاذ النوح ورداً كل صبـح ومسـا
|
واشتعال القلب احزاناً تذيـب الانفسـا |
|
وقليل تتلف الارواح فـي رزء الحسيـن
|
لست انساه طريداً عن جوار المصطفى |
|
لائذاً بالقبـة النوراء يشكـوا اسفـا
|
قائلاً ياجد رسم الصبر مـن قلبي عفى |
|
ببلاء انقض الظهـر وأوهى المنكبـين
|
صبت الدنيا علينا حاصباً مـن شرهـا |
|
لم نذق فيها هنيئـاً بلغـةً من بُرهـا
|
ها أنا مطرود رجس هائـم فـي بَرهـا |
|
تاركا ً بالرغم مني دار سكنى الوالديـن
|
ضمني عندك يا جداه فـي هذا الضريح |
|
علني ياجد من بلـوى زماني استريح
|
ضاق بي ياجد من فرط الاسى كل فسيح |
|
فعسى طود الاسى يندك بيـن الدكتيـن
|
جد صفـو العيش مـن بعدك بالاكدار شيب |
|
وأشاب الهـم رأسي قبل اُبان المشيب
|
فعلا مـن داخل القبـر بكاء ونحيب |
|
ونـداء بافتجـاع يا حبيبـي ياحسيـن
|
انت ياريحانـة القلب حقيـق بالبـلاء |
|
انمـا الدنيـا اعـدت لبـلاء النبـلاء
|
لكـن الماضي قليـل فـي الذي قد أقبلا |
|
فاتخذ ذرعين مـن صبر وحسـم سابغين
|
ستذوق الموت ظلما ً ظاميـا ً فـي كربلا |
|
وستبـقى فـي ثراهـا عافـراً مجنـد
|
وكأنـي بلئيـم الاصل شمراً قـد عـلا |
|
صدرك الطاهر بالسيف يحـز الودجيـن
|
وكأني بالأيـامى مـن بناتـي تستغيـث |
|
سغباً تستعطف القوم وقـد عـزّ المغيـث
|
قد برى اجسامهن الضرب والسير الحثيث |
|
بينهـا السجاد فـي الاصفاد مغلول اليدين
|
فبكى قـرة عين المـصطفى والمرتضى |
|
رحمـةً للآل لا سخـطا ً لمحتـوم القضا
|
بل هو القطب الذي لم يخطو عن سمت الرضا |
|
مقتدى الأمـة والي شرقهـا والمغربيـن
|
حيـن نبأ آلـه الغـر بما قال النبـي |
|
اظلـم الافـق عليهـم بقتـام الكـرب
|
فكأن لـم يستبيـنوا مشرقـا ً مـن مغرب |
|
غشيتهـم ظلمـات الحـزن من اجل الحسين
|
وسرى بالأهل والصحب بملحوب الطريق |
|
يقطـع البـيدا مجداً قاصد البيت العتيـق
|
فأتتـه كتـب الكـوفـة بالعهـد الوثيق |
|
نحـن انـصارك فاقـدم ستـرى قرة عين
|
بينمـا السبـط باهليـه مجـداً فـي المسير |
|
فاذا الهاتـف ينعاهـم ويدعـوا ويشيـر
|
ان قـدام مطاياهـم مناياهـم تسيـر |
|
ساعة اذ وقف المهر الذي تحت الحسين
|
فعـلا صهـوة ثـان فأبى ان يرحـلا |
|
فدعـى في صحبـه يا قوم ما هذي الفلا
|
قيـل هـذي كربـلاءٌ قـال كربٌ وبلا |
|
خيموا ان بهذي الارض ملقى العسكريـن
|
هـا هـنا تُنتـزع الارواح مـن اجسادهـا |
|
بظبى تعتـاض بالاجساد عـن اغمادهـا
|
وبهذي تُحمـل الامجاد فـي اصفادهـا |
|
فـي وثـاق الطلقـاء الادعيـاء الوالديـن
|
وبهـذي تيـأم الزوجـات مـن ازواجهـا |
|
وبهـذي تشـرب الابطال مـن اوداجهـا
|
وتهـاوى انجم الابـرار عـن ابراجهـا |
|
غائبات فـي ثرى البوغاء محجـوبات بين
|
وأطلتهـم جنـود كالجـراد المنـتـشر |
|
مع شمر وابن سعد كـل كـذاب اشر
|
فاصطلى الجمعان نار الحرب في يوم عسر |
|
واستدارت في رحى الهيجاء انصار الحسين
|
يحسبـون البـيض اذ تلبـس فيض القلل |
|
بيـض انـس يتمايلـن بحمـر الحـلل
|
فيـذوقـون المنـايـا كمـذاق الـعسل |
|
شاهدوا الجنـة كشفـاً ورأوهـا رأي عين
|
بأبي انجم سعـد فـي هبـوط وصعـود |
|
طلعت في فلك المجد وغابت في اللحود
|
سعدت بالذبح والذابح مـن بعـض السعود |
|
كيف لا تسعد فـي حال اقتران بالحسين
|
بأبي أقمار تُـمٍ خسفـت بيـن الصفاح |
|
وشموساً من رؤوس فـي بروج مـن رماح
|
ونفوساً منعـت ان تـرد الماء المبـاح |
|
جرعـت كـأسي اُوام وحمـام قاتليـن
|
عندها ظل حسين مفرداً بيـن الجمـوع |
|
ينظر الآل فيذري من اماقيـه الدمـوع
|
فانتظى للذب عنهـم مرهف الحد لموع |
|
غرمـه يغريـه للضرب نمار الصفحتيـن
|
فاتحاً من مجـلس التوديع للأحباب بـاب |
|
فاحتسو من ذلك التوديع للأوصاب صاب
|
موصي الاخت التي كانت لها الآداب دأب |
|
زينب الطهـر بأمـر وبنهـي نافذيـن
|
أخت يازينـب أوصيـك وصايا فاسمعـي |
|
انني في هـذه الأرض ملاقٍ مصرعـي
|
فاصبري فالصبر مـن خيم كرام المترع |
|
كل حي سينحيـه عن الأحياء حين
|
في جليل الخطب يا أخت اصبري الصبر الجميل |
|
ان خير الصبر ما كان على الخطب الجليل
|
واتركي اللطم على الخد واعلان العويل |
|
ثم لا اكره ان يسقي دمع العين ورد الوجنتين
|
اجمعي شمل اليتامى بعد فقدي وانظمـي |
|
اطعمي من جاع منهم ثم أروي من ظمي
|
واذكري اني فـي حفظهـم طٌل دمي |
|
ليتنـي بينهـم كالانف بيـن الحاجبـين
|
أخـت آتينـي بطفلي أره قبل الـفراق |
|
فأتت بالطفـل لا يهدأ والدمـع مراق
|
يتلوى ظمـأ والقلب منـه فـي احتراق |
|
غائر العينيـن طاو البطن ذاو الشفتيـن
|
فبكـى لمـا رآه يـتلظـى بـالأوام |
|
بدمـوع هـاميات تخجل السحب السجـام
|
ونحـا القـوم وفي كفيـه ذيـاك الغـلام |
|
وهمـا من ظمإ قلباهمـا كالجمرتيـن
|
فدعا في القوم يا للـه للخطب الفظيع |
|
نبئوني أأنا المذنب ام هذا الرضيـع
|
لاحظوه فعليـه شبـه الهادي الشفيـع |
|
لا يكن شافعكم خصمـاً لكم في النشأتين
|
عجلوا نحوي بماء اسقـه هذا الغلام |
|
فحشاه مـن أوام فـي اضطرام وكُلام
|
فاكتفى القوم عـن القول بتكليـم السهام |
|
وإذا بالطفل قـد خر صريعـا ً لليدين
|
فالتقى ممـا همـا من منحر الطفل دما |
|
ورماه صاعداً يشكوا الى رب السمـا
|
وينادي يا حكيم انت خير الحكمـا |
|
فجـع القوم بهذا الطفل قلب الوالدين
|
وأغار السبط للجلي بمأمـون العثار |
|
اذ اثار الضمر العثير بالركض فثار
|
يحسب الحرب عروساً ولها الروس نثار |
|
ذكـر القـوم بـبدر وبـأحد وحنيـن
|
بطل فرد من الجمع على الابطال طال |
|
أسد يفترس الاسد عـلى الآجال جـال
|
مالـه غير اله العرش في الاهوال وال |
|
ماسطى فـي فرقـة الا تولت فرقتين
|
مالـه فـي حومـة الهيجاء في الكر شبيه |
|
غير مـولانا علي والفتى سر أبيـه
|
غير ان القـوم بالكثرة كانوا متعبيـه |
|
وهـو ظـام شفتاه اضحتا ناشفتين
|
علة الايجاد بالنفس على الامجاد جاد |
|
ما ونى قط ولا عن عصبة الالحاد حاد
|
كم لـه فيهم سنان خارق الاكباد باد |
|
وحسام يخسف العين ويبري الاخذ عين
|
دأبه الذب الى ان شب في القلب الأوام |
|
وحكى جثمانـه القنفذ من رشق السهام
|
وتوالى الضرب والطعن على الليث الهمام |
|
وعراه مـن نزيف الدم ضعف الساعدين
|
فتدنى الغادر الباغي سنان بالسنان |
|
طاعنا صدر امامي فهوى واهي الجنان
|
اشرقت تبكي عليه اسفا ً حور الجنان |
|
وبكى الكرسي والعرش عليـه آسفين
|
ما دروا اذ خر عن ظهر الجواد الرامح |
|
أ حسين خر ام برج السماك السابح
|
ام هـو البدر وقد حل بسعد الذابح |
|
ام هو الشمس وأين الشمس من نور الحسين
|
اي عينين بقان الدمـع لا تنهرقان |
|
وحبيب المصطفى بالترب مخضوباً بقان
|
دمـه والطين فـي منحره مختلطان |
|
ولـه قدر تعالى فوق هام الشرطين
|
لهف نفسي اذ نحا اهل الفساطيط الحصان |
|
ذاهلاً منفجعـاً يصهل مذعور الجنـان
|
مائل السرج عثور الخطو في فضل العنان |
|
خاضب المفرق والخدين من نحر الحسين
|
ايها المهـر توقف لا تحم حول الخيام |
|
واترك الاعوال كي لا يسمع الآل الكرام
|
كيف تستقبلهـم تعثر في فضل اللجام |
|
وهـم ينتظرون الآن اقبال الحسين
|
مرق المهر وجيعاً عالياً منـه العويل |
|
يخبر النسوان ان السبط في البوغا جديل
|
ودم المنحر جار خاضب الجسم يسيل |
|
نابعـاً من ثغرة النحر كمـا تنبع عين
|
خرجت مذ سمعت زينب اعوال الجواد |
|
تحسب السبط اتاها بالذي يهوى الفؤاد
|
ما درت ان اخاها عافراً في بطن واد |
|
ودم الاوداج منـه خاضباً للمنكبين
|
مذوعت ما لاح من حال الجواد الصاهل |
|
صرخت مازقة الجيب بلـب ذاهل
|
وبدت من داخل الخيمات آل الفاضل |
|
محرقات بسواد الحزن من فقد الحسين
|
وغدت كلٌ من الدهشـة تهوي وتقوم |
|
انجم تهوي ولكن ما تهاوت لرجوم
|
وحقيق بعد كسف الشمس ان تبدوا النجوم |
|
يتسابقن الى موضع ما خر الحسين
|
وإذا بالشمر جاث فوق صدر الطاهر |
|
يهبر الاوداج منـه بالحسام الباتر
|
فتساقـطـن عـليـه بفـؤاد طائـر |
|
بافتجـاع قـائـلات خـل ياشمر حسين
|
رأس من تقطـع ياشمر بهذا الصارم |
|
ليس من تفري وريديـه بكبش جاثم
|
ان ذا سبط النبي القرشي الهاشمي |
|
ابواه خير اللـه فذا ابن الخيرتين
|
ارفع الصارم عن نح الامام الواهب |
|
عصمة الراهب في الدهر وملفى الهارب
|
كيف تفري نحر سبط المصطفى بالقاضب |
|
وهو دأباً يكثر التقبيل في نحر الحسين
|
كان يؤذيه بكاه وهو في المهد رضيع |
|
بابنه قدما ً فداه وهو ذو الشأن الرفيع
|
ليته الآن يراه وهو في الترب صريع |
|
يتلظـى بظمـاه حـافصاً بالقـدميـن
|
كم به من مَلك في الملأ الاعلى عتيق |
|
وبيمناه يسار لـدم العسر يريـق
|
وعلى الناس له عهداً من اللـه وثيق |
|
انه الحجة في الارض ومولى الملوين
|
ما افاد الوعظ والتحذير في الرجز الرجيم |
|
وانحنى يفري وريدي ذلك النحر الكريم
|
وبرى الرأس وعلاه على رمح قويم |
|
زاهراً يشرق نوراً كاسفاً للقمرين
|
شمس أفق الدين اضحت في كسو بالسيوف |
|
وتوارت عن عيون الناس في ارض الطفوف
|
فأصاب الشمس والبدر كسوف وخسوف |
|
لكن الافق مضيء بسنا راس الحسين
|
ذبح الشمر حسينا ليتني كنت وقاه |
|
وغدا الاملاك تبكيـه خصوصاً عتقاه
|
ما درى الملعون شمرٌ أي صدر قد رقاه |
|
صدر من داس فخاراً فوق فرق الفرقدين
|
فتك العصفور بالصقر فيا للعجب |
|
ذبح الشمر حسيناً غيرة اللـه اغضبي
|
حيدرٌ آجرك اللـه بعالي الرتب |
|
ادرك الاعداء فيـه ثأر بدر وحنين
|
أعين لم تجر في أيام عاشورا بمـا |
|
كُحلت وحياً اماقيهـا بأميال العمـا
|
لأصبن اذا ما أعوز الدمـع دمـا |
|
لأجودن بدمع العين جود الاجـودين
|
عجباً ممن رسا في قلبه حب الامام |
|
كيف عاشوا يوم عاشورا وما ذاقوا الحِمام
|
بل ارى نوحهم يقصر عن نوح الحَمام |
|
أ سواءٌ فقـد فرخيـن وفقـدان الحسين
|
كيف لا يبكي بشجو لا بن بنت المصطفى |
|
انـه كان سراجـا ً للبرايـا وانطفا
|
حق لو في فيض دمع العين انساني طفا |
|
واغتدى الجاري مـن العين عقيق لا لجين
|
أ يزيدٌ فوق فرش من حرير في سرير |
|
ثمل نشوان مـن خمر لـه الساقي يدير
|
وحسين في صخور وسعير مـن هجيـر |
|
ساغبا ً ضمآن يسقى مـن نجيـع الودجيـن
|
حطم الحـزن فؤادي لحطيـم بالصفـا |
|
ولهيف القلب صاد وذبيـح مـن قفـا
|
ولعـار فـي وهـاد فوقـه السافي سفا |
|
صـدره والظهـر منـه اصبحـا منخسفين
|
ولـرأس نـاضر الوجـه برأس الذابل |
|
ولقانـي فيـض نحـر غاسـل للعاسل
|
ولعـان هـالك النـاصر واهي الكاهـل |
|
وبنات المصطـفى لهفي على عجف سرين
|
بينمـا زينـب قـرحى الجفن ولهاء ثكول |
|
تذرف الدمع وفي احشائها الحزن يجول
|
تنـدب النـدب بقلب واجف وهي تقول |
|
قـد أصابتنـي بنور العين حسادي بعين
|
واذبيحـا مـن قفـاه بالـحسام البـاتـر |
|
واصريعـا بعـراه مـا لـه مـن ساتر
|
واكسيـرا صلـواه بصليـب الحـافـر |
|
وارضيـضا قدمـاه والقـرى والمنكبـين
|
واخطيبـاه جمـالـي وجمـال المنـبر |
|
واقتيـلاه ولكـن ذنبـه لـم يُخبـر
|
واطريحـاه ثـلاثا بالعـرا لـم يُقبـر |
|
واشهيـداه ومـن للمـصطفى قـرة عيـن
|
يا أخي قد كنت تاجا للمعالي والرؤوس |
|
مقريـا للضيـف والسيـف نفـيسا ونفوس
|
كيف اضحى جسمك السامي له الخيل تدوس |
|
بعدمـا دسـت على اوج السهـى بالقدميـن
|
يا أخي يا تاج عزي لاحظ البيض الحداد |
|
بقيـت بعـدك شعثـا ً فـي كِلال وحـداد
|
قطنـت اجفانهـا فالقلـب كالقـالب صاد |
|
اشبـه الاشيـاء بالقـرآن بيـن الدفتيـن
|
حـزب حرب ايـن انتـم مـن سجايـا هـاشم |
|
اذ عفـو عنكـم وقد كنتـم حصيد الصارم
|
ان فـي هـذا لسـر بيـن للفـاهـم |
|
ان آثـار القبيليـن عصيـر العنصريـن
|
جـدنا عاملكـم فـي الفتـح بالصفـح الجميل |
|
مالكـم صيرتمونـا بيـن عـان وجديـل
|
وعلى جيـل قفوتـم اثرهـم لعـن الجليـل |
|
وعـذاب مستطيـل لـن يـزولا خالـدين
|
سادتـي حزنـي كحبـي لكـم باق مقيـم |
|
هبـة مـن عنـد ربي وهو ذو الفضل العظيم
|
قـد صفـا الـحب بقلبي فاجعلوا ذنبي حطيم |
|
واكشفـوا فـي الحشر كربي واشفعوا للوالدين
|
حسن ما حسن منـه سوى حفـظ الوداد |
|
وولاء فـي بـراء وصفـاء الاعتقـاد
|
وهو كاف في اماني من مخاويف المعاد |
|
انمـا الخـوف لمن لـم يعتقد فضل الحسين
|
والتحيـات الوحيـات وتسليـم السـلام |
|
لسراة الخـلق فـي الـدنيا وفي دار السلام
|
ذائبـات ابـد الآباد مـا تـم كـلام |
|
او محـا اللـه ظلامـا بضيــاء النيريـن
|